يمتلك المعلم أعظم مهنة : إذ تتخرّج على يديه جميع المهن الأخرى ..... قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا ..... خيـر الناس أنفعهم للناس ..........علمت أن رزقي لا يأخذه غيري ، فاطمأن قلبي ، وعلمت أن عملي لا يقوم به غيري ، فاشتغلت به وحدي

دراسات

صفات المربي الناجح : 

   إن المربي  الناجح كما يجب أن يكون صالحاً في علاقته مع ربه وخالقه فيتعامل معه على أساس من الإيمان والصدق واليقين القوي الذي يدفعه إلى امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فإن من الواجب عليه أيضاً أن يكون صـالحاً في خلقه وعاداته وسجاياه التي يتعامل بها مع التلاميذ أو أفراد المجتمع ، والأخلاق الحميدة تستمد قوتها وحسنها من الشريعة المحمدية والسلوك النبوي طلباً لمرضاة الله وابتغاء رضوانه، والمربي بحاجة ماسة إلى أن يتصف بكل الصفات الحسنة، التي تجعله محبوباً داخل مجتمع المدرسة أو خارجها، أما عدم التحلي بها فسيؤدي إلى الإخفاق في تأدية الرسالة التي نذر نفسه من أجل تأديتها على أكمل وجه، وحينذاك لا تغني معرفة استراتيجيات التدريس التي تعلمها أو يتعلمها فتيلا، ويمكن أن تقسم الصفات الحسنة إلى ما يلي :


ـ أولاً : الصفات الإيمانية .
إذا كانت صفة الأيمان ضرورية لكل مسلم فإنها اشد ضرورة للمربي المسلم الذي يتوقع منه المجتمع أن يساعد على غرس العقيدة السليمة بين التلاميذ وعلى إرساء قواعد الأيمان الصحيح بين أفراد المجتمع، ومن الصفات الإيمانية :
1- التقوى : قال تعالى : (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) (سورة البقرة/197) ـ ويقول تعالى : (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) (سورة الطلاق : 2) ويقول تعالى : (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) (سورة الطلاق : 4)، والمعلم المسلم الذي يعي مسؤولياته وواجباته وحاجاته إلى الاستزادة من العلم ويسعى إلى تحقيق ما عليه بإخلاص وجد يكون على جانب كبير من هذه الصفة الإيمانية .
2- مطابقة القول العمل : وقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام من مخالفة الإنسان عمله قوله، فعن انس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مررت ليلة أُسري بي على قوم تقرض شفاههم بمقارض من نار، قال : قلت : من هؤلاء ؟ قالوا : خطباء من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفـسهم) (احمد بن حنبل –المسند – ج 3-121) وأكد على وجوب إبلاغ كل فرد عما تعلمه .. فعن أبى برزة السلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) (الترمذي – الجامع الصحيح - ج4/529)، وعن معاذ رضي الله عنه قال : (اعْلمَوا ما شئتم أن تَعلموا، فلن يأجركم الله بعلم حتى تُعلموا) (ابن عبد البر – جامع بيان العلم وفضله –ج2/6) .
3- الإخلاص : قال تعالى : (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) (البينة : 5) فلا يقبل عمل إلا بإخلاص وإذا فقد ذلك وقع الإنسان في الشرك، ولان التعليم من أهم الأعمال الصالحة لذا ينبغي مجاهدة النفس على الإخلاص، ويروى عن أحد علماء السلف قوله : (اثنان أنا أعالجهما منذ ثلاثين سنة، ترك الطمع فيما بيني وبين الناس، وإخلاص العمل لله عز وجل) (أبو نعيم – الحلية –7 /217) .
4- المتابعة : ولا يقبل عمل صالح إلا بتحقق هذا الشرط مع سابقة (الإخلاص) والمتابعة تعني أداء العمل كما ورد عن الشارع، والمتابعة هنا تعني الاهتمام بتحقيق الأهداف المرسومة لسياسة التعليم كما نظمتها الوزارة ما لم تعارض الشرع، وذلك بإتباع التوجيهات والتعاميم وتنفيذ القرارات والبحث والتطوير المسـتمر والمشاركة الفاعلة في الارتقاء بالمهنة، يقول الله تعالى : (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم) (النساء : 59)، ويقول عليه الصلاة والسلام : (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، ولا يتم الإتقان إلا بالمتابعة ولا تكون المتابعة إلا بالطاعة والتنفيذ في غير معصية الله .

ـ ثانياً : الصفات الخلقية .
1- الصدق : الصدق تاج على رأس كل معلم إذا فقده فقد ثقة الناس واحترامهم له، فعلى المعلم أن يكون صريحاً صادقاً، لا يختال ولا يرائي يقول الحق ويؤيد الحق، ويعترف بخطئه إن أخطأ ويتراجع عنه بكل سرور، قال تعالى : (يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وكونوا من الصادقين) (التوبة - 119)، وقال عليه الصلاة والسلام : (أن الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة، وان الرجل ليصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا) (البخاري – كتاب الأدب – ج10/507)، وروى البيضي بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : (كان ابغض الخلق إليه الكذب)، وفي حديث صفوان بن سليم أنه قيل لرسول الله عليه الصلاة والسلام : ( .. أيكون المؤمن كذاباً ؟ قال : لا) (مالك بن أنس – الموطأ – ج2/277)، وفي حديث أبى هريرة مرفوعاً (من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه فهي كذبة) (احمد -المسند - ج2/452) ، ويقول يوسف بن أسباط : (يرزق الصادق ثلاث خصال : الحلاوة، والملاحة، والمهابة) (ابن القيم – مدارج السالكين – ج2/277)، وعن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (.. إياكم والكذب فإن الكذب لا يصلح بالجد ولا بالهزل ولا يعد الرجل صبيه ثم لا يفي له …) (ابن ماجة – السنن – ج1/18) .
2- الرحمة والرفق : يجب أن يكون المعلم رفيقاً في غير ضعف، قوياً في غير قسوة، يزن الأمور بموازينها الصحيحة فلا يشتط في حكم ولا يتساهل في حق وإنما يسلك طريقاً وسطي بين هذا وذاك، قال تعالى : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك) (آل عمران : 159)، وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال : سمعت أبا القاسم عليه الصلاة والسلام يقول : (لا تنزع الرحمة إلا من شقي) (أبو داود – السنن – ج5/232)، وعن جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من لا يرحم لا يرحمه الله) (الترمذي – الجامع الصحيح - ج4/284)، وفي صحيح مسلم قال : صلى الله عليه وسلم : (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ومالا يعطي على سواه) وفيه أيضاً : قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : (عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش، إذا الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيئ ألا شانه)، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم (من يحرم الرفق يحرم الخير)، وفيه عن انس بن مالك قال : (ما رأيت أحداً كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى عليه وسلم)، وفيه قال صلى الله عليه وسلم : (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به)، وقد أوصى ابن جماعة رحمه الله المعلم : (بأن يعتني بمصالح الطالب ويعامله بما يعامل به أعز أولاده من الحنو والشفقة عليه والإحسان إليه) (وإن اخطأ يوقفه عما صدر منه بنصح وتلطف لا بتعنيف وتعسف) .
3- التواضع والحلم : التواضع خلق حميد يضفي على صاحبه إجلالاً ومهابة ورفعه يقول تعالى : (أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) (الزمر - 60)، وفي صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم : (وما تواضع أحد لله ألا رفعه) وقوله صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) ومن أثار التكبر : جحود الحق والغرور بما لديه من العلم أو ترك طلب العلم أو سوء التعامل مع الزملاء والمتعلمين - عدم القدرة على تحقيق الأهداف المرسومة – نفور الطلاب منه، فعلى المعلم ألا يفسر كل حركة أو مخالفة من الطلاب تفسيراً خاطئاً فيتصور أنها موجهة ضده بقصد الإساءة إليه .
4- الصبر و احتمال الغضب : وهذه الصفة تستدعي من المعلم همة عالية وإيمان صادق وطول ممارسه حيث أن المعلم يتعامل مع أفراد مختلفي الطباع والفكر والأخلاق مع ما يواجهه من صعوبات التحضير والتدريس والتصحيح ومواجهة المشكلات المختلفة لذلك يجب أن يعتاد الصبر لان فقدانه قد يوقعه في الحرج الشديد، كما أن الغضب قد يفقد صاحبه الاتزان ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : (ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) (البخاري 5649- مسلم4724- احمد6921- مالك1409)، وقد امتدح الله الصابرين في قوله تعالى : (وأصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) (هود : 115)، وقال تعالى : (أولئك يجزون الغرفة بما صبروا) (الفرقان : 75)، وقال بعض السلف : (ومالي لا أصبر، وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال، كل خصلة خير من الدنيا وما فيها) .
5- العدل والمساواة : قال تعالى : (اعدلوا هو اقرب للتقوى) (سورة المائدة - 8)، والمعلم يتعرض لمواقف كثيرة تقتضي العدل سواء في توزيع المهام أو الوجبات أو وضع الدرجات أو في العقوبة وغيرها مما يجب فيه معاملة الجميع بنفس المعاملة وبما يجب أن يعامل به أبنائه قال صلى الله عليه وسلم : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) (البخاري 12 - مسلم 64- الترمذي 2439- النسائي4934)، وروي عن مجاهد قوله : (المعلم إذا لم يعدل بين الصبية كتب من الظالمين) (ابن مفلح – الآداب الشرعية – ج1181)، وعن الحسن قوله : (إذا قوطع المعلم على الأجرة فلم يعدل بينهم – إي الطلاب – كتب من الظلمة) (ابن سحنون –آداب المتعلمين –ج1/20)، ومن الظلم للطلاب عدم الاهتمام بالضعفاء منهم وعدم بذل النصيحة لهم والأخذ بأيديهم .
6- الأمانة في العمل : يقول تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تخونـوا الله والرسول وتخونوا أمانتكم وانتم تعلمون) (الأنفال - 27)، قال صلى الله عليه وسلم : (ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة) (رواه البخاري) والمعلم في عنقه أمانة فلذات الأكباد ومهجة الأرواح وبيده تربيتهم وتشكيلهم حسبما يريد ومن ثم تزيد مسؤوليته في غرس العقيدة الإسلامية وتمكينها في قلوبهم وإعدادهم ليكونوا مواطنين مؤمنين صالحين يدركون ما عليهم من حقوق وواجبات تجاه دينهم وولاة أمرهم وسائر أفراد مجتمعهم، وتنمية الشعور لديهم بالمسؤولية والولاء لله تعالى وتلقينهم أصول الخير ورسم القدوة الحسنة لهم في المظهر والمخبر والفعل والقول لأن أمامه أجهزة تسجيل في مخ كل منهم لكل همسة وكلمة منه، وعليه أن يدرك أن الطلاب مهما صغر سنهم يعرفون معنى كل حركة يتحركها المعلم ومغزى كل عمل يأتيه وإن كانوا يظهرون الجهل والسذاجة في أغلب الأحيان، كما أن من الأمانة نقل المعلومات الصحيحة لهم وحفظ أسرارهم .
7- الخلق الحسن وتجنب السخرية والكلام الفاحش : يقول الله تعالى : (لا يسخر قوم من قوم) (الحجرات-11)، قال صلى الله عليه وسلم : (إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة الصائم القائم) (أحمد)، ويقول أيضاً : (البر حسن الخلق) (مسلم)، ويقول صلى الله عليه وسلم (إن الله ليبغض الفاحش البذيء) (الترمذي – أبو داود)، ويقول أيضا : (أن من خياركم أحسنكم أخلاقا) ويقول صلى الله عليه وسلم أيضا : (مأمن شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن)، ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم : (سباب المؤمن فسق وقتاله كفر) (أحمد)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة) (مسلم) .

ـ ثالثاً : الصفات الجسمية .
1- حسن المظهر : ليكن لك أخي المعلم في رسول الله أسوة حسنه فقد كان له ثياب خاصة بلقاء الوفود وثوب خاص بصلاة الجمعة والعيدين، ولتكن رائحتك دائماً طيبه ومشيتك متزنة غير متكبرة أو ذليلة وليكن كلامك مع طلابك جاداً فكم من كلمة طيبة لمعلمينا لا زالت تقرع مسامعنا، وكم من كلمات نابيه وسلوكيات منحرفة ومواقف مؤسفة لم ننسها رغم مرور عشرات السنين، قال صلى الله عليه وسلم : (إذا أتاك الله مالاً فلير أثر نعمته عليك وكرامته) (النسائي – السنن –ج8/196)، وقال : صلى الله عليه وسلم (… واستجد ثيابك واستفره دابتك، وأكثر من استعمال الطيب)، وقال صلى الله عليه وسلم : (أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه)، وقال صلى الله عليه وسلم : (البسوا من هذه الثياب البيض فإنها من خير ثيابكم) (أبو داود - السنن- ج4/209)، وكان الأمام مالك رحمه الله : (إذا جلس للحديث اغتسل وتبخر وتطيب) (السمعاني – آداب الإملاء – ص89) .
2- التمتع بالصحة الجيدة : وهذا مما يساعد المعلم على مهنة التدريس الشاقة، لذلك يجب على المعلم الاهتمام بصحته والبعد عن التدخين لما فيه من مضار صحية عديدة بالإضافة إلى حرمته الشرعية وما يعكسه على صاحبه من صفات كريهة وعليه بممارسة أنواع الرياضة والاعتناء بمأكله ومشربه ليكون قوياً يستطيع أداء مهمة على أكمل وجه، يقول عليه الصلاة والسلام : (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير) (مسلم – ابن ماجه) .

ـ رابعاً : الصفات العقلية والنفسية .
1. الذكاء : القدرة العامة للفرد على ملائمة تفكيره شعورياً للمواقف الجديدة وظروف الحياة، ويعرفه آخرون على أنه القدرة على حل المشكلات العامة الجارية في الحياة، والذكاء يمكن المعلم من التصرف بطريقة سريعة ومناسبة في المواقف المختلفة بحكمة واتزان، ومن هنا يجب أن يعي المعلم أن دوره في عملية التعلم في التربية المعاصرة هو تنظيم العملية التعليمية والإشراف والتوجيه أي أن ذلك يعني أن تنمية ذكاء المتعلم واجب أساسي من واجبات المعلم الناجح في المدرسة التربوية الحديثة، وهكذا لم يبق التعليم عملية تلقين وتلقي معلومات تقاس بكميتها، بل غدت العملية التعليمية تربية شاملة تسعى إلى إيجاد نوعية صالحة من المتعلمين مدربين على التفكير السليم وقادرين على معالجة ما يعرض لهم من مشكلات متصلة بالمدرسة والبيئة .
2. الاستشارة للخير : يقول تعالى : (وأمرهم شورى بينهم) (الشورى - 38)، ويقول تعالى : (وشاورهم في الأمر) (آل عمران-159)، والتشاور يحقق الكثير من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية، وفيه تنوير الأفكار وتقرير لإصابة الحق وتوفير للوقت والجهد واستفادة من خبرات الآخرين وتجاربهم، يقول ابن عباس رضي الله عنه لما نزلت الآية : (وشاورهم في الأمر)، قال صلى الله عليه وسلم : (أما إن الله ورسوله لغنيان عنها، ولكن الله جعلها رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يعدم رشدا، ومن تركها لم يعدم غيا) .
3.التأني في سرد المعلومات : عن عائشة رضي الله عنها قالت : (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم هذا ولكن كان يتكلم بكلام بين فصل، يحفظه من جلس إليه) (رواه مسلم)، وفي رواية عند البخاري : (كان يعيد الكلمة ثلاثاً لتعقل عنه) .
4. المداومة على تحصيل العلم : فالمعلم يعرض بضاعة كل يوم فلا بد من التجديد وتخصيص وقت من يومه ليقرأ عن الجديد وخاصة في مجال تخصصه وان يسأل نفسه أين هو من التقدم الهائل والموجات العلمية المتلاحقة، ولكي يحصل المعلم على ما يريد من ثقافة عامة واطلاع واسع وشامل يجدر به أن يجيد فن القراءة الجادة كلها، لأن القراءة أهم السبل المؤدية إلى اكتساب المعرفة، وقد تكون القراءة غير مفيدة بل قد تصبح (رذيلة لا عقاب عليها) كما قال فاليري لاربو حين تكون سطحية عابرة يجهل القارئ أساليبها الصحيحة أو يتهرب بواسطتها من دنيا الواقع تخلصاً مما يلح عليه من مزعجات الأفكار، وهو في كلتا الحالتين من الخاسرين، لأنه يهلك الوقت والجهد دون مقابل، فيعجز عن استشفاف ما بين السطور واستخلاص ما تنطوي عليه العبارات من حقائق وآراء …. وتراه يقرأ ويقرأ بلا تدبر ولا تبصر ولا إمعان، ظناً منه أن الخير في الكم لا في الكيف وأن مجرد عبور الكتاب سيجعله في مستقبل الأيام علماً من الأعلام .
5 . التعرف على طبيعة العلم وعدم التصادم معها : فالمعلم الناجح هو الذي لا يتكلم إلا فيما يعلم، ولا يُعلم إلا ما يتقن وعليه إتباع طرائق التعليم الحديثة وإلا يستهين بها فيتعثر، وألا يتجاهل طبيعة العلم فيخفق، وعليه أن يكون على دراية بعلم النفس بفروعه المختلفة ليتعرف على مراحل نمو تلاميذه وخصائصهم النفسية والجسمية ويستطيع التعامل معهم بما يناسب ميولهم واتجاهاتهم، كما عليه أن يدرك أن المقرر الدراسي ليس غاية بل هو وسيلة وان المنهج الدراسي ليس المقرر فقط بل هناك عناصر أخرى تتطلب الإلمام بها ليؤدي الرسالة على اكمل وجه .

ـ خامساً : الصفات المهنية .
1. الغزارة العلمية في المادة ووسائلها : يقول ابن خلدون : إن الحذق في العلم والتفنن فيه والاستيلاء عليه إنما هو بحصول ملكة في الإحاطة بمبادئه وقواعده والوقوف على مسائله واستنباط فروعه من أصول .
2. الاستزادة من طلب العلم : يروى عن ابن عباس قوله : لو كان أحداً مكتفياً من العلم لاكتفى موسى على نبينا وعليه السلام ولما قال : (هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشداً) (الكهف - 66)، وقال سفيان الثوري رحمه الله : (لا نزال نتعلم العلم ما وجدنا من يعلمنا) .
3.المهارة في التعليم : وذلك باكتساب المهارات المختلفة من تدرج في التعليم والعرض والإقناع واستخدام الثواب والعقاب وإسداء النصيحة واحترام للقرارات ومساهمة في الأنشطة، وغير ذلك من الصفات المهنية التي لا يتسع المقام لسردها والكفاءات التعليمية التي ينبغي على المعلم الاطلاع عليها والإلمام بها والاشتراك في البرامج التدريبية التي تنميها، ولنا في رسول الله أسوة حسنة فلم يكن التعليم على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم يعتمد على التلقين دون فهم أو استيعاب، بل كان القرآن الكريم يربي الصحابة بالأحداث ويتنزل الحكم مع الواقعة، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم ينوع في أساليبه التعليمية للصحابة فتارة عن طريق التساؤلات، كما في حديث (أتدرون من المفلس ..) (رواه مسلم)، وتارة بالمناقشة والاستقصاء كما حدث مع الشاب الذي جاء يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الزنا، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : (أترضاه لأمك ….. أترضاه لأختك …..! الحديث إلى أن أقتنع الشاب ثم تاب) (رواه أحمد)، وأحياناً كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستخدم الرسوم التوضيحية كما في حديث (خطوط أمل أبن آدم وأجله) (البخاري)، وأحياناً أخرى كان يترك الحكم للصحابة ليتناقشوا في الأمر ثم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم القول الفصل كما في حديث : (السبعون ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب) (رواه البخاري ومسلم)، إلى غير ذلك من الأساليب المتنوعة التي كان عليه أفضل الصلاة والسلام يستخدمها في تعليم الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ويرسم بها الخطوط السليمة لكل معلم من بعده والتي لو تتبعناها لتحققت الأهداف والطموحات المرجوة .
أيمن سالم صابر







لماذا تتصدر منظومة فنلندا التعليمية منظومات العالم؟

   تتصدّر فنلندا الدولة الصغيرة الكائنة في أقصى شمال أوروبا سلم التعليم في العالم فهي على رأس قائمة الدول الأكثر نجاحاً في التعليم، حسب التقييم العالمي (PISA )، حيث أظهر أطفال فنلندا تفوقا واضحا وحصلوا علي درجات غير مسبوقة في الرياضيات والعلوم ومهارات القراءة واستخدام المعلومات،‏ رغم أن هذه الاختبارات ليست تفريغا لمعلومات تم استذكارها‏.. فدولة فنلندا تتربع، بلا منافس‏، علي عرش التصنيف العالمي في جودة التعليم وهذا النجاح عمره ثلاثة عقود فقط (منذ1977)، ويتمثل السبب الرئيسي في أنها عندما فكرت في إصلاح نظامها التعليمي بدأت بالمدرّس ونجحت في ذلك.
 كفاءة المعلّم عامل أساسي في نجاح التجربة التربوية الفنلندية:
   فالعامل الأساسي الذي يفسر تفوق النظام التعليمي في فنلندا هو جودة الطاقم التدريسي وكفاءته العالية. منذ عام 1979 أصبح الحصول على درجة الماجستير ضرورياً للتدريس في المدارس الابتدائية والثانوية، كما أن المهنة تحظى بشعبية واسعة لدى الفنلنديين إلى درجة تم فيها تحديد المقاعد الدراسية المخصصة لبرامج التربية وقبول ما بين 10 و15 في المائة فقط من الطلبات. وهو ما جعل المدرسين في فنلندا يشاركون بشكل فعال في صياغة المناهج الدراسية ويشرفون على تطبيقها في مدارسهم. يبدأ المدرس العمل كمساعد لمدرس آخر قدير  ثمّ يمرّ بمناظرة لينتدب في سنّ تقارب 28 ويعمل إلى حدود سن 68عاما(سن التقاعد). المدرس هو المسؤول على حراسة التلاميذ في الساحة وفي المطعم ويتابع التلميذ حتّى في البيت بالاتصال بالأولياء.
التلميذ يتمتع بدروس وغذاء مجاني:
   فيبدأ التلميذ في فنلندا الالتحاق بالمدرسة في سن السبع سنوات ليحضر نصف يوم فقط وتستمر هذه المرحلة الدراسية من هذا العمر حتى عمر 16 عاماً في ما يسمى بمرحلة التعليم الأساسي، أما في السنوات من 7 إلى 12 عاماً فيدرِّسُ التلاميذ مدرسٌ واحدٌ لكل قسم في مجالين. و سنوات التعليم الإلزامي العام في فنلندا تعليم مجاني، تكون الوجبات الغذائية والكتب والأدوات المدرسية مجانية. التلاميذ الفنلنديين يقضون في المدارس وقتا أقل من نظرائهم في دول أوروبية أخري‏،‏ كما يتساوي مجمل الإنفاق العام على التعليم مع هذه الدول‏.
غياب الامتحانات:
     ليست هناك في فنلندا اختبارات عامة للتلاميذ خلال التسع السنوات الأولى. ولكن يتم تقييم الأداء بناء على اختيار 10 في المائة من كل شريحة عمرية وتجرى الاختبارات وتحتفظ المدارس بالنتائج بكل سرية... وبعد السنة الخامسة، لا يسمح قانونيّاً بإسناد أعداد للتلاميذ ولا يمسح بالمقارنة بينهم.. كما لا يسمح بأن تقارن المدارس مع بعضها بعضاً.هذا لا يحجب حرص المدرسين الفنلنديين على مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ والتأكد من تملّكهم للكفايات التعليمية.

تشجيع البحث العلمي:
    عامل آخر ساهم في نجاح المنظومة التربوية الفنلندية هو تشجيع البحث العلمي والإبداع والابتكار الذي يستند إلي توقعات استراتيجية لعبت فيها جميع قطاعات الدولة دورا كبيرا في تطوير الإمكانات التنافسية لها،‏ حتي إن شركة رائدة في مجال الإلكترونيات كانت مسئولة وحدها عن تمويل‏25%‏ من استثمارات الدولة في الأبحاث والتنمية‏،‏ كما قامت فنلندابتطوير منظومة وطنية لتصدير الالكترونيات تستأثر حاليا بثلث إجمالي الصادرات‏.‏ كل هذا التطور كان مرجعه الارتفاع الكبير في مستوي التعليم والإنفاق علي الأبحاث العلمية والذي وصل إلي ما يقارب أربعة بالمائة(‏3,4%‏ ، حسب بحث شخصي )من الناتج المحلي الاجمالي (جاء‏70%‏ منها من القطاع الخاص)‏، وهو معدل مرتفع للغاية إذا ما قورن دوليا‏.‏
هل يمكن استنساخ هذا النموذج؟
   لقد أصبحت فنلندا بحق مثالا يستثير الاهتمام في انجازها التربوي.ومع ذلك يجب أن نحذر من الاستعجال في استيراد نماذج تعليمية واستنباتها في بلادنا، ، فإنه  يمكننا التعلم من تجارب الآخرين، لكن ذلك لا يعني نقل ممارسات دول أخرى وتطبيقها تونس، بسبب اختلاف الظروف والبيئات التعليمية والمجتمعية، كما أن العديد من تلك التجارب هي وليدة مناخ ثقافي مختلف قد لا يلائم المدارس التونسية.
المصدر: تلخيص شخصي لمداخلة السيدة "كلود أنتيلا " ( Claude Anttila) الخبيرة الفنلندية الضيفة على المركز الوطني للتجديد البيداغوجي يوم السبت 12 ماي 2012 حول التجربة الفنلندية في التعليم:






تحديد أسباب الفشل المدرسي في جميع المعتمديات
 حالة بحالة(في دراسة مشتركة بين وزارتي التربية والمرأة) :


تونس ـ الصباح: تفيد معطيات استقيناها من مصادر وزارة التربية والتكوين أن عدد المدارس الاعدادية والمعاهد الثانوية التي تتمتع بالاولوية التربوية بلغ خلال السنة الدراسية الجارية 40 مؤسسة..
وبالاضافة إلى تحديد قائمة في هذه المدارس تتجه جهود الوزارة حاليا إلى حصر التلاميذ ذوي الاولوية التربوية.. وهو أمر ليس بالهين..
 ولا شك أن الجهود الاضافية التي سيبذلها المربون والمرشدون البيداغوجيون والمؤطرون في هذه المدارس ستمكن من انتشال الكثير من التلاميذ وستنقذهم من أخطار الفشل المدرسي..
وفي هذا الصدد يجدر التذكير بالدراسة التي تعدها وزارة التربية والتكوين بالتعاون مع وزارة شؤون المرأة والاسرة والطفولة والتي ستمكن نتائجها من تشخيص أسباب الفشل المدرسي في تونس وستكون هذه الدراسة مناسبة لوضع جميع حالات الاخفاق المدرسي في جميع معتمديات البلاد معتمدية بمعتمدية تحت المجهر..
ويأمل المهتمون بالشأن التربوي في تحسين الاداء التربوي في المدارس ذات الاولوية قصد التقليص من نسب الرسوب والاخفاق المدرسيين.. وفي دراسة أجرتها الاستاذة منيرة يوسف بن عبد الله المرشدة في الاعلام والتوجيه المدرسي والجامعيّ نتبين كيف أن برنامج المدارس ذات الاولويّة التربوية يمكن أن تكون عِلاجا للاخفاق والاِنقطاع المدرسيين..
  ويَتوجه برنامجُ المدارس ذات الاولويّة التربوية إلى المؤسسات التربوية التي تَكشف نتائجُها عن ضعفٍ فادح في مكتسبات التلميذ حيث تَكونُ نسَب الاخفاقِ هي الاعلى وذلك بهدفِ توفير الدعم الضروريِّ لها لكي تحقق التحسّن المرجوّ.
  وتؤكد الاخصائية البيداغوجية في هذه الدراسة التي وردت في نشرية "أنوار" التربوية البيداغوجية الصادرة عن المركز الجهوي للتربية والتكوين المستمر بزغوان على أنّ برنامج المدارس ذات الاولوية التربوية هو برنامج لمقاوَمة الاخفاق. ولهذا السبب تستند إقامة مشروعِ أولويّةٍ تربويّة إلى معايير مدرسيّة منها على وجه الخصوص نسبة الرسوب كما يستند إلى تحليل لوضعيّةِ الاِحتياجات الخصوصيّةِ للتلاميذ وإلى تَصوّرٍ تنجزه مختلَف الاطراف الفاعلة في المدرَسة من فريق الاطار البيداغوجيّ والطبيب المدرسي وخليّة العمل الاِجتماعيّ والعائلة والجمعيّات...) ويجب أن تَكون أهداف هذا المشروع محسوسة وقابِلةً للقياس وكلّ ذلك يكْسب مختلف الاطراف دورا فاعلا سواء من حيث التأثير البيداغوجيّ أو الماديّ أو التنظيميّ أو من حيث الدعم النفسيّ والعاطفيّ أو الصحيّ للتلميذ...
التأخر الدراسي
تحدثت الاخصائية البيداغوجية عن عوامل التأخر والفشل الدراسيّين وبينت أنه لا يبدو أنّ هناك خطّا فاصلا واضِحا بين ظواهرِ التأخّر والفشل والاِنقطاع الدراسيّ لعدد مهـمّ من التلاميذ فالاِنقطاع الذي يسمّى " نظاميّا " أو "منظّما " هو انقطاع ناجم عن تفاقم مظاهرِ التأخّر الدراسيّ الذي يقود إلى الفشل الدراسيّ ومنه إلى الاِنقطاع.
  ويمكن إرجاع هذا الفشل إلى عوامل تتعـدّد وتتـشعّب منها العوامل البيداغوجيّة والاِجتماعيّة والاِقتصاديّة والمؤسساتيّة الاداريّة فالعوامل الذاتيّة والشخصيّة.
  وقدمت الباحثة جملة من المقترحات لتحسين آداء المدارس ذات الاولويّة التربويّة وهي تتلخص في ممارسة بيداغوجيا الدعـم أي تمكين التلاميذ الذين يعانون من صعوبات مدرسية من حصص دعم لمكتسباتهم. كما تتمثل في تطوير الشّراكة بين أعضاء الاسرة التربوية لان المدرسة لا تعمل بمعزل عن المجتمع ولا بـدّ من فتحها على المحيط.. إضافة إلى ضمان المتابعـة اللصيقة للتلميذ ذي الاولوية التربوية خصوصا عندما يتعلّق الامر بمصاعب نفسيّة وشخصيّة تستحقّ عنايةً مركّزة وتستطيع أطراف أخرى أن تمارِس دورها في مساعدة المدرسة على هذه المهمة.
  وتحدثت المرشدة في الاعلام والتوجيه المدرسي والجامعيّ على ضرورة صياغة مشاريع خصوصيّة لمناطق المدارس ذات الاولويّة التربويّة..ولا شك أنها محقة في ما ذهبت إليه لان التدريس في مثل هذه المدارس يتطلب حنكة واقتدارا وخبرة في المجال.. كما يستدعي من الاطار التربوي أن يكون متحمسا للعمل وشاعرا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه..وعرّجت الباحثة في دراستها على مسألة الدعم البيداغوجي.
الدعمُ البيداغوجيُّ
في علاقة بالمربّي.. لا بدّ على حد قول المرشدة في الاعلام والتوجيه المدرسي والجامعيّ أن "تتطوّر الممارساتُ البيداغوجيّة باتجاه مسارات تعتمد على التقييم التكوينيّ وعلى الدعم والعلاج في الوقت المناسب دون أيّ تأخيرٍ أو تأجيل للفعل يؤدي إلى إخفاق التلميذ بما أنّه لم يكتسب الكفايات الضروريّة التي تؤهّـله للارتقاءِ إلى المستوى الموالي".
وفي علاقة بالقسم فهناك مجال لتطبيق التقييم التكوينيّ القائم على الدّعـم والعلاج وفي علاقة بالمدرسة فلا بدّ من وضع أنظمة دعم وعلاج خصوصا للمجموعات التي يقع اختيارها وِفقا للصعوبات أو للنّقص في الكفايات المطلوبة في مادّة معيّنة أو أكثر.. وفي علاقة بالادارة فيتعين التأثير على نظم التقييم وعلى المسارات الدراسيّة وعلى الحياة المدرسيّة من ذلك تخفيف عـدد التلاميذ داخل الاقسام.
وهي تذهب إلى أن التّخفيض من الاخفاق المدرسيّ يتم عن طريق بناء شراكة مع العائلة ولا بدّ في هذا الصدد أنْ يلعب الاولياء دور المؤطّرين لابنائهم وفي هذا الاطار بيّنت الدراسات الميدانيّة في ستّ جهات تونسيّة أجريت ضمْن برنامج " التربية للجميع " قيمـة التأطير العائلي فهو فاعل في النجاح أو الاخفاق المدرسيّ.
 كما أنه من الضروريّ تنظيمُ لقاءات دوريّة بين الاولياء والمربّين ودعم الشّراكـة مع السلطات المحلّية والبلديّة وعقلنة دوْرِها في تحسينِ البنية التحتيّة والتأطيرِ الاجتماعيّ والاقتصاديّ للاولياء المحتاجين.. إضافة إلى توفير الادوات المدرسيّة للتلاميذ الفقراء وتطوير المطاعم المدرسيّة بالاوساط الرّيفيّة خاصة. ويتعيّن كذلك تطوير الشراكة مع الجمعيّات ذات الصّلة وتفعيل دور المنظّمات في تأطيرِ حالات الاعاقة وفي إعطاءِ دفعٍ للعلاقة بين المدرسة والاسرة. فالمدرَسة تحتاج فعلا إلى شركاء لكي تنجح في أداء مهمّتها ولا بدّ كذلك من التأكيد على دور خلايا العمل الاجتماعيّ ومكاتب الاصغاء بهدف الاحاطة بالتلميذ من النواحي النفسيّة والعاطفيّة والاجتماعيّة.
وهي تؤكد على حتمية العمل في شكل شبكات لان العائلة بمفردها أو الادارة وحدها غير قادرة على الحصول على نتائج ناجعة ويشترط تحسين مردود المدرسة تَضافر جهود كلّ الاطراف.. وقدمت مثالا على وجود حالات كثيرة تعاني من الفشل الدراسيّ الناجم عن أشكال من الاضطرابات التي لا يعرف المربّون كيف يتعاملون معها لذلك يجب فسح المجال لتدخل الطبيب المدرسيّ والمؤطر النفسيّ للتلميذ. وتستخلص أن مشروع المدارس ذات الاولويّة التربويّة يمكّن المدرسة من الانفتاح على المحيط وذلك عن طريق بناء شراكة بين مختلف الفاعلين المتواجدين على السّاحة.. ويستطيع هذا المشروع أنْ ينتج مهارة عملية تـنمّي قدرات المدرسة في إدماج مختلَف محدّدات النجاح وفي وضع حدّ لعوامل الاخفاق المدرسيّ. ويتطلّب التصدّي لظاهرتي الرسوب والانقطاع عن الدراسة إِتخاذ جملةٍ من الاجراءات لتحسين التعلمات والتقليص من الاخفاق. ويتعلّق الامر بِتبني بيداغوجيا تهدف إلى النجاح في تربية تتميّـز بالكيـف وتتوجه إلى الجميع ويكوصدور ن التلميذ فيها محور العملية التربوية.









نصائح وتوجيهات للمعلمين والمعلمات
الإرشادات الهامة والنصائح على ضبط الصف وسيادة النظام :
1- لا تبدأ عملاً قبل أن يسود النظام تماماً في صفك ، أي لا تبدأ في التدريس قبل أن
يهدأ الجميع ، وينتبه إليك كافة الطلبة .

2- إذا دخلت الصف والفوضى سائدة ، فلا تثر ولا تغضب ، وإنما اتخذ مكاناً مناسباً بحيث ترى ويراك جميع الطلبة ثم تجول بنظرك بين جميع الطلبة وتفرس في وجوه من أثار الفوضى ، ونادي أحدهم حتى تضمن أنهم قد أحسوا بدخولك ووجودك بينهم .


3- حاول قدر الإمكان عدم الجلوس ؛ حتى لا تحدث الفوضى في الصف . 

4- حاول إيقاف الطلبة المشاغبين عند حدهم حتى لا يفسدوا عليك الجو الدراسي ، وذلك باستعمال الأسلوب المناسب حسب ما تقتضيه الظروف ، فلكل حالة أسلوبها الخاص وطريقتها المناسبة ، مثل :-
أ – بعض الطلبة قد يرتدع بمجرد النظر إليه .
ب – ومن الطلبة من يحتاج إلى النظرة القاسية .
جـ – ومن الطلبة من يتّعظ بالعتاب .
د – ومن الطلبة من لا يرتدع إلا بالعقاب : بدءاً من التوقيف في مكانه في الصف ، أو التوقيف أما زملائه ووجه للحائط ، مروراً بطرده وحرمانه من الحصة وإرساله للمشرف الاجتماعي أو مدير المدرسة – وهذه الخطوة لا تقدم عليها إلا إذا ضاقت عليك السبل ، ولا تكتفي بطرده من الفصل فقط ، بل لابد أن ترسله إلى المشرف ، لأنه إن خرج من الفصل أخذ بالتجوال بين الفصول وربما قام بالتشويش على باقي المدرسين في الفصول الأخرى .. وبهذا تكون قد أفسدت على غيرك دون قصد - ، حتى يتم الاتصال بولي أمره لتوقيفه عند حده ، وانتهاء بالعقاب البدني التي قد توقعه إدارة المدرسة ، أو طرده من المدرسة جزئياً لبعض الوقت ، أو طرده نهائياً حتى لا يفسد غيره من الطلبة .

5- حاول أن يظهر على تعابير وجهك ونبرات صوتك ، تأثرك وغضبك لما حدث من فوضى واضطراب . 

6- يجب أن يفرق المعلم بين عدم استطاعة التلميذ القيام بعمل ما ، وبين عدم رغبته في أدائه ، فالنوع الأول من الطلبة يحتاج إلى التوجيه والإرشاد والشرح والتوضيح ، أما النوع الثاني فهو النوع المتمرد الذي يحتاج المعلم إلى تقديم النصح له وقد يحتاج معه إلى الترغيب والترهيب أو الحزم أو العقاب إن لزم الأمر . 

7- احرص على الحصول على قائمة بأسماء الطلبة قبل دخولك للصف ؛ حتى لا تضطر إلى الحصول عليها من الطبلة أنفسهم ، وخصوصاً في الصف الكبير ؛ لأن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى الفوضى والاضطراب داخل الصف . 

8- في أول لقاء مع الطلبة عرفهم على نفسك بإيجاز وأخبرهم باختصار شيئاً عن نفسك دون مغالاة أو مبالغة أو تعال عليهم ، واكتب اسمك على السبورة بوضوح وعرفهم كيف ينادون اسمك . 

9- احفظ أسماء الطلبة بأسرع ما يمكن ؛ لأن ذلك أمر حيوي وضروري حتى لا تضطر إلى الإشارة إلى المكان الذي يجلس فيه الطالب ، وكل واحد يقول أنا ، أنا ، أنا حتى ولو كانت الإشارة واضحة فهذه فرصة ذهبية للمشاغبة وإثارة الفوضى . 

10- قم بإعداد درسك إعداداً جيداً ، فالمعلم المتمكن أقدر على ضبط الصف وشد انتباه الطلبة وإثارة اهتمامهم واستقطاب تفكيرهم ، ولكي تعد درسك جيداً لابد من الاطلاع – بالإضافة إلى الكتاب المقرر – على المراجع الأصلية والتوسع في الموضوع وهضم المادة واختيار الأمثلة والتشبيهات المناسبة ، وكل ما يساهم في ربط المادة بالحياة ، واختيار الوسائل التعليمية المناسبة التي تضفي على الدرس القوة والحيوية . 

11- يجب على المعلم التحدث باللغة الفصحة المناسبة لمستوى الطلبة ، وألا يستخدم عبارات أو كلمات فوق مستوى الطلبة أو يستخدم لغة صعبة أو غير ملائمة لقدراتهم العقلية أو مستواهم العلمي . 

12- يجب على المعلم أن يتحقق من أن جميع الطلبة يسمعونه بوضوح ، ويمكن للمعلم أن يتأكد من ذلك بأن يطرح على أحد الطلبة البعيدين سؤالاً يعرف منه أن الجميع يسمعونه .

13- يجب على المعلم أن يوزع الزمن على أجزاء الدرس المختلفة حتى لا ينتهي الدرس قبل فترة طويلة من نهاية الحصة ؛ فلا يدري ما يقول وما يفعل في الجزء المتبقي من الحصة ، فيرتبك وتكثر أخطاؤه ويبدأ الهرج والمرج والفوضى والاضطراب . 

14- عند تحضير الدرس ، حاول أن تخمن المشكلات والصعوبات التي يحتمل أن تواجهها أثناء التدريس ، إن الحدس الجيد هو من السمات التي يجب أن يتحلى بها المعلم القدير . 

15- لا تنغمس في موضوع الدرس بحيث تنسى أنك تدرس بشراً ، ولذلك فإننا ننصح المعلم بأن يجعل الفواصل المنشطة تتخلل درسه ، لأن العقل المجهد المتعب لا يستطيع التركيز ، مما يعوق الانتباه ويحول دون الفهم ، فلا بد من ترويح القلوب ساعة بعد ساعة ، لأنها إذا كلت عميت ، والمعلم القدير هو الذي يفسح المجال في خطة الدرس لإشباع نشاط الطلبة في أمر مفيد يستنفذ طاقاتهم الحيوية في أشياء مقبولة سلوكياً ومفيدة للطلبة ؛ فبدلاً من أن يقوم الطلبة بالتنفيث عن أنفسهم بالحركة والكلام والمشاغبة ، وإثارة الفوضى ، فإن المعلم مطالب بان تكون هناك فواصل منشطة ؛ لأن الدرس الذي يسير على وتيرة واحدة درس ثقيل على النفس ، مما يؤثر سلبياً على انتباه الطلبة . 

16- إذا حصلت الفوضى وأنت في الصف ، فلا تفقد السيطرة على أعصابك والزم الهدوء ؛ لأن السيطرة على النفس والأعصاب وسيلة للسيطرة على الآخرين .

17- يجب على المعلم إشاعة روح المحبة والمودة والألفة والوئام بينه وبين الطلبة ، وهذا من شأنه إزالة التوتر والخوف العصبي والانقباض العقلي ، ويشيع في الصف الشعور الفياض بالسعادة الغامرة ؛ لأن حب المعلم يستدعي بالضرورة حب المادة التي يعلمها ، والمحبة أساس النجاح والتوفيق في أي عمل . 

18 – حاول ما أمكن توزيع المقاعد لتترك فراغات يمر فيها الطلبة ؛ حتى سهل أمر مرور الطلبة من وإلى السبورة ، أو عند وجود طارئ يتطلب إخلاء السف بأقصى سرعة كظهور ثعبان في الصف أو حدوث التماس في الكهرباء .. وما أشبه ذلك من أمور .
19- وزع الطلبة على الصف حسب أطوالهم ، وليكون القصير في الأمام والطويل في الخلف ؛ حتى لا يعيقوا رؤية الآخرين للسبورة وتحصل فوضى أنت في غنى عنها ، أما الطلبة الطوال الذين يشتكون من نقص في السمع أو البصر ، فضعهم في الجوانب في الصفوف الأولى . 

20- عود الطلبة على عدم تبديل أماكن جلوسهم في الصف إلا بإذن منك ، وأن يكون ذلك لسبب مقبول ومعقول .
21- قف في الصف في مكان مناسب بحيث يراك جميع الطلبة ، وبحيث تستطيع أن ترى وتسمع كلما يحدث في الصف . 

22- يجب أن يشعر التلميذ أنه معرض للسؤال في كل لحظة من لحظات الدرس ، وبذلك يركز الطلبة تفكيرهم في الدرس لا في أمور خارجية تستدعيهم الخروج عن فروض الأدب . 

23- عود الطلبة الاستئذان عند طلب الجواب ، ورفع اليد في هدوء وعدم قول أنا .. أنا .. أنا ، وعدم مقاطعة المعلم قبل أن ينتهي من إلقاء السؤال ؛ لأن الاستئذان أمر ضروري يجب أن يتعوده الطلبة حتى لا تحصل الفوضى ، وهذا أمر ينبغي الصبر عليه وحاربته من قبل المعلم وذلك بأساليب عدة كإظهار الامتعاض والاشمئزاز وعدم الرضا عما حدث ، وكالصمت هنيهة ، وكتحديث النظر والتكشير في وجه المتكلم أو إظهار الامتناع عن سؤال من تكلم بغير إذن أو أثار الشغب أو تأنيب من تحدث بغير إذن أ إبقائه واقفاً لفترة من الوقت . 

24- عود الطلبة على المحافظة على آداب المجلس والاستئذان عند الرغبة في القيام بأي عمل فردي ، ولا تسمح بالمحادثات الجانبية بين الطلبة ، فإن ذلك مدعاة للفوضى .

25- اطرح السؤال بأسلوب لا يستدعي أن يقول الطلبة : أنا .. أنا .. أنا ، فلا تقل مثلاً : من يعرف ؟ من يقلي ؟ الشاطر يقول ، أو الشاطر يجاوب . 

26- لا تقبل الجواب إلا من الطالب المسؤول فقط ؛ حتى يتعود الطلبة النظام .

27- لا تقبل الأجوبة الجماعية التي تكون مرتعاً خصباً للفوضى والشغب . 

28- لا تنصرف تماماً للطالب المجيب وتهمل بقية الطلبة حتى لا ينصرفوا عن الدرس وتبدأ الفوضى ، وإنما نقل نظرك بين الطالب المجيب وبين بقية الطلبة في الصف .

الكاتب :تيتشر راني








فن وأساليب الاقناع .. كيف تكون مقنعاً ؟
الكاتب :
لكي يصل أي انسان وخصوصاً الإعلامي بفكرته إلى المتلقي يجب أن يصيغ رسالته بأسلوب يشرحها ويسهلها، ويجعلها مشوقة ما يجعل المستقبل يقبل عليها وينجذب إليها؛ وحسن الأسلوب يجعل المتلقي يقتنع بالفكرة حتى لو كانت غير عادلة أو تعبر عن وجهة نظر غير صحيحة. ولطرح أي فكرة في وجه المتلقي ينبغي على الإعلامي أن يدعمها بالحجج والدلائل والبراهين التي تؤكد للمتلقي صحتها وواقعيتها وموضوعيتها. لذلك فإنّ للأسلوب أهمية بالغة في وسائل الإعلام، فالأسلوب هو الذي يوصل المعنى إلى المتلقي. ويجب على الإعلامي أن يستخدم الأساليب البسيطة والعبارات المتداولة ويتجنب العبارات المعقدة والأساليب الملتوية، لأنّه يخاطب أنواعاً مختلفة من المتلقين.


ومن القصص الأسطورية الشائعة التي تروى في شأن الإقناع أنّ الشمس والرياح تنازعها على إجبار رجل على خلع معطفه، وأرادت كل من الشمس والرياح أن يكسبا الرهان، فحاولت الرياح التأثير على الرجل بالبرد القارس والعواطف وهذا ما زاد الرجل إصراراً وإلحاحاً على إرتداء معطفه وثباته على رأيه، حتى أصاب اليأس الرياح فتوقفت واستسلمت للرجل، ثمّ جاء دور الشمس فسلطت أشعتها القوية على الرجل، ما جعل الرجل يشعر بالحرارة الشيء الذي جعله يخلع معطفه مختاراً راضياً. وهذه القصة نموذج على أنّ الإكراه والإلحاح على أمر ما يجعل المكره يزيد من إصراره وعزيمته ويرفع من شدة مقاومته. وهناك مثال بسيط فإذا أردت إرغام طفل على شيء ليفعله فإنّه يرفض القيام بذلك الأمر. وإذا تركته وشأنه أو أقنعته بأن ذلك أمر مستحسن، قد يقوم به مختاراً راضياً دونما تدخل.

ولذلك فالإكراه والإلحاح يوجب المقاومة، بينما الإقناع والحوار يجعلان الأمر المتنازع عليه أكثر سهولة. والإقناع لغة يتمتع بها الأقوياء. والإعلامي الناجح هو الذي يستطيع إكتساب لغة الإقناع، لأنّه وسيلة من وسائل كسب الإحترام والتقدير من الآخرين.

- ما هو الإقناع؟

الإقناع هو إستخدام المرسل أو الملقي أو الكاتب أو المتحدث للألفاظ أو الإشارات أو الرموز التي بإمكانها إحداث تأثير في تغيير الإتجاه والميول والسلوك. والإقناع عملية فكرية وشكلية يحاول من خلالها المرسل التأثير على المستقبل وإخضاعه ودفعه لقبول رأي أو فكرة معينة. وذلك باستهداف القناعات السابقة بهدف تغييرها كلياً أو جزئياً من خلال دعم الأفكار الجديدة بحقائق ودلائل وبراهين وحجج موضوعية. وفن الإقناع هو فرع من فروع مهارات الإتصال، والإعلامي المتمكن من هذا الفن يصبح قادراً على إجادة فنون الحوار.

وعلى الإعلامي أن يفهم عناصر الإقناع وهي كالتالي:
- المصدر: ينبغي على الإعلامي التأكد من المصدر الذي يستقي منه معلوماته، ويجب أن يتأكد من صحة المعلومات التي يعمل على إقناع جماهيره بها. وينبغي على الإعلامي أن يتحرى المصداقية، بالإضافة إلى إكتسابه القدرة على إستخدام أساليب الإقناع، وأن يجيد التعامل مع الكلمة باستخدام المنطق.

الرسالة: إذا افترضنا أن شخصاً ما أرسل رسالة إلى شخص آخر بأسلوب جيِّد واجتهد في تعزيزها بأفكار جديدة ولكنه لم يكتبها بخط واضح، فبكل تأكيد فإنّ الرسالة لن تؤدي غرضها. ولذلك فيجب على الإعلامي أن يعرض رسالته الإعلامية بوضوح وببساطة بشكل يجعل المتلقي يفهمها بكل بساطة وبدون أي تعقيدات، وينبغي على الإعلامي أن يساعد المتلقي على فهم الرسالة فهماً متماثلاً معززاً رسالته بالبراهين والحجج المقنعة. كما ينبغي الإبتعاد عن الجدل والإستعداء. وإستبعاد المعلومات المشكوك فيها.

- المستقبل: ينبغي على الإعلامي أن يراعي الفروق العمرية والبيئية والإختلافات الثقافية والقومية والمذهبية، وأن يسعى إلى مخاطبة جميع الفئات وأن يدرك أن لكل مقام مقالاً.

ويعتمد نجاح الإقناع على العناصر التالية:
- القدرة على نقل الأفكار والمبادئ والمعلومات بكفاءة وإتقان.
- القدرة على فهم ظروف وأحوال المتلقين وقيمهم وتكوين رسالة تستطيع إقناعهم بشكل ودي ومرضي بالنسبة لهم.
- القدرة على إثارة إهتمام المتلقين، وهو ما يسمى بالجاذبية الشخصية والتي تقوم على ثلاثة أركان وهي حسن الخلق والأناقة والثقافة الجيِّدة.
- القدرة على خلق تفاعل إيجابي في إطار من المصداقية مع المتلقين.
- التمكن من مهارات الإقناع ووسائله من خلال الإبداع في مهارات الإتصال والتفنن في فنون الحوار مع عدم الإخلال بآدابه وأخلاقياته.
والإقناع هو مخاطبة العقول والقلوب في نفس الوقت، وهو فن لا يجيده إلا من امتلك أدواته.

وعلى الإعلامي أن يسعى إلى إمتلاك أدوات فن الإقناع. وأن يستغل الظروف المكانية والزمانية التي يمر بها المجتمع لإقناعهم بالعدول عن سلوك سيِّئ أو إقناعهم بتبني سلوك ما يعود عليه بالخير.

كما ينبغي على الإعلامي أن يخاطب الجماهير وكأنّه يجيبهم عن تساؤلاتهم الملحة، وإجابته تلك تتناسب مع تفكيرهم وتتعامل بشكل سليم مع المبادئ الفكرية التي تربو عليها. والإعلامي الناجح هو الذي يستطيع تطوير مهاراته الإتصالية بإجادة فنون الحوار والمخاطبة وطرق التأثير وأن يوجه إهتمامه إلى تقوية الخير والعلم والثقافة. فالمجتمع يحتاج إلى نصح وإرشاد وتثقيف، وأن يسعى إلى إبتكار وسائل جديدة لإيصال أفكاره إلى أكبر قدر ممكن من الجماهير على إختلاف شرائحهم.

- كيف نقنع الجماهير بفكرة ما؟
هناك طرق متعددة وأساليب متنوعة من الإقناع، وسوف نتحدث عن بعض طرق الإقناع والتي تختلف حسب الظروف المكانية والزمانية. ومن هذه الطرق ما يلي:

- قاعدة المصالح المتوازنة: ويطلق عليها أيضاً (قاعدة التوازن الملحوظ في المصالح)، وتعبر هذه القاعدة عن مفهوم قوي، وهو أنّ الشخص المستهدف بالإقناع إذا ما أحس بأنّ الفكرة المطروحة تحقق توازناً في المصالح بينه وبين الطرف الآخر فإنّه سيوافقه على الفكرة. وهنا ينبغي على الإعلامي (الذي يهدف إلى إقناع المتلقي) أن يعرف وجهة نظر المتلقي في الفكرة المطروحة. وعليه أيضاً أن يعرف مدى إيجابية أو سلبية المتلقي فيما يخص الفكرة المطروحة. وأن يعرف منظومة القيم التي ينتمي إليها المتلقي، والأفكار التي يتبناها. وعليه كذلك أن يعرف مصدر تلك الأفكار وما أسباب تبني المتلقي لها.

- قاعدة تسيير الحوار: يمكن تشبيه فشل الإعلامي في تسيير الحوار بينه وبين المتلقي بتوقف محرك السفينة وسط البحر، فالإعلامي هنا يلعب دور المحرك الذي يقود سفينة الحوار وعليه أن يكون واعياً مدركاً بجدول أعماله في تسيير الحوار، مع المتلقي أو مع ضيفه، وتنظيم الحوار مسؤولية الإعلامي وعليه أن يعد الأولويات في حواره، وأن يستخدم كافة السبل التي تؤدي إلى نجاح قيادته للحوار بشكل سليم.

- قاعدة كسب الحوار: لكي ينجح الإعلامي في كسب الحوار ينبغي عليه أن يلم بمهارات طرح الأسئلة، ومهارات الإصغاء، وأن يكون دائم الإستعداد لتحقيق النجاح.

- قاعدة الدخول في صلب الموضوع: للوقت أهمية كبيرة في عملية الإقناع، وخاصة إذا كان الحوار مع شخصيات بارزة ومرموقة؛ فهؤلاء الأشخاص وقتهم ثمين لا ينبغي على الإعلامي أن يستهلك وقتاً إضافياً معهم، ولذلك فالإعلامي مطالب بالدخول في صلب الموضوع دون مقدمات أو مداخل. وعليه هنا أن يتمتع بالحزم والوضوح.

- قاعدة الإيجابية: كلما كان الحوار جدّياً وإيجابياً كانت فرصة نجاح الإعلامي كبيرة في تحقيق أهداف الحوار، والإعلامي يحتاج هنا إلى قدر من الإيمان بأنّ ما يقوم به سيلاحظه الضيف أو المتلقي، وخاصة في اللقاءات المباشرة وجهاً لوجه؛ ويجب على الإعلامي أن يدرك أن نبرات الصوت وتعابير الوجه واللغة الحركية الجسدية لها أهمية بالغة وهي أكثر إقناعاً من الألفاظ والكلمات.

- كن دائماً على إستعداد للإقناع:
يمكن تشبيه رجل الإعلام برجل الإطفاء، فيجب أن يكون دائماً مستعداً لأي طارئ أو حدث جديد، وأن يكون سريع البديهة، قوي الملاحظة، قادراً على تطبيق قاعدة المصالح المتوازنة، فهذا التوازن يفيد الإعلامي في زيادة الثقة بالنفس وزيادة فرص نجاحه في أداء رسالته. والإعلامي الناجح هو الذي يتمتع بالمرونة ويستخدم عقلية منفتحة، ويركز على المتلقي ويصغي له بفاعلية حتى يستطيع إقناعه. والمرونة والإستعداد للإقناع يجعلان الإعلامي ينجح في تحقيق هدفين هامين هما:

- تغيير أفكار المتلقي القديمة.
- إقناع المتلقي بالأفكار الجديدة.

وتلعب المرونة دوراً هاماً في تغيير الأفكار القديمة وتبني القناعات الجديدة، ودور الإعلامي هنا هو إقناع المتلقي بالعدول على أفكاره القديمة وتبني الأفكار الجديدة، وهناك قصة أسطورية مغربية قديمة، تتحدث عن فتاة مغربية تدعى (الذويبة) معروفة بالدهاء والذكاء الخارق، وكانت فقيرة، وفي إحدى المرات عاقبها والي البلدة وربطها بجذع نخلة، لكنها وبذكائها استطاعت الإفلات من العقاب، فوالدة الوالي لم تكن تعلم أنّ الوالي عاقبها بربطها بالنخلة، وكانت والدة الوالي تعاني من تورم في ظهرها، فبينما كانت والدة الوالي تتنزه في حديقة القصر، سألت (الذويبة) عن سبب ربطها بالنخلة، فأخبرتها (الذويبة) بأنّها كانت تعاني من تورم في ظهرها، وأنّها عندما ربطت بالنخلة اختفى التورم، واستطاعت إقناع والدة الوالي بفك رباطها وأصرت والدة الوالي أن تُربط هي كذلك بالنخلة، وبذلك استطاعت (الذويبة) الإفلات من العقاب، بل ونالت إعجاب الوالي وتزوجها فيما بعد. وهذه القصة تبيّن بأنّ الإنسان قادر على صنع المعجزات إذا استطاع إكتساب مهارات الإقناع.

- تعلم أساليب الإقناع:
إنّ تعلم أساليب الإقناع من الأمور الهامة للإعلامي. ويقصد بأساليب الإقناع إستخدام كافة طرق وأشكال الإتصال للتأثير على المتلقي وحمله على تقبل الرسالة والتفاعل معها.

ومن أهم أساليب الإقناع ما يلي:

* الأسلوب الجدلي: ويطلق عليه أيضاً الأسلوب السببي، وعلى الإعلامي أن يستخدم هذا الأسلوب الذي يعتمد على قوة البراهين والدلائل والحجج المناسبة لطروحاته وأفكاره. وينقسم هذا الأسلوب إلى نوعين:

- النوع الأوّل: من الأسباب إلى النتائج: ويتم إستخدام هذا الأسلوب بهدف إيجاد العلاقة بين الأشياء عن طريق التسليم بأسباب وظروف معيّنة ينتج عنها حدوث نتائج لتلك الظروف أو الأسباب. ويعتبر هذا الأسلوب بمثابة الخلفية التي يؤسس عليها الإعلامي البراهين والحجج التي تساعده في تقوية طرحه، ما يؤثر بشكل جيِّد في مسألة الإقناع.

- النوع الثاني: من النتائج إلى الأسباب: وهنا يقدم الإعلامي النتائج على الأسباب بهدف التأثير على المتلقي قصد إثارة مشاعره نحو القضية الأُم، ودور الإعلامي هنا أن يقدم النتائج أوّلاً ثمّ يدعمها بالأسباب، وهو عكس ما يحدث في النوع الأوّل.

* الأسلوب التجزيئي: ويطلق عليه أحياناً الأسلوب التخصيصي، وسمي بالتجزيئي لأنّ الإعلامي يقوم بطرح القضية أو الفكرة ويركز عليها. وذلك بالإنتقال من حالة العمومية إلى حالة الخصوصية، باعتبار أنّ الجماهير تأخذ الأمور بعمومها وأن ما ينطبق على الأصل ينطبق على الفرع.
* الأسلوب التعميمي: الهدف من إستخدام هذا الأسلوب هو شد إنتباه المتلقي إلى الفكرة المطروحة من قبل الإعلامي، إلا أنّه هذه المرة ينتقل من الخصوصية إلى العمومية، وهذا الأسلوب يعتمد على إستخدام مثال محدد يتم تعميمه فيما بعد كقاعدة عامة.

* الأسلوب المقارن: يعتمد هذا الأسلوب على المقارنة بين فكرتين أو طرحين بهدف تحديد الفرق بينهما، ويكون تحديد الفرق بعد معرفة الأسباب والظروف المحيطة بكل طرح وتحليل السمات والوظائف الخاصة بكل فكرة، ثمّ في النهاية إصدار حكم والوصول إلى النتائج.

* الأسلوب المعياري: وهو بمثابة مقياس يستخدمه الإعلامي لوصف حالة من الحالات المحددة، وبعدها يأتي التعريف بالنتائج بقياسها بحالة أخرى ذات أسباب وظروف مشابهة، وبعد ذلك يأتي إصدار الحكم الذي يعبر عن وجهة نظر الإعلامي والذي يرى أنّه قادر على إقناع الجماهير.

* الأسلوب الدلالي: يقصد بالأسلوب الدلالي الإستشهاد بالأدلة المنطقية والحجج الواقعية والبراهين الموضوعية، بالإعتماد على المصادر الموثوقة والإستشهادات كالأدلة الدينية، والإستشهاد بالحوادث الحقيقية والأمثلة الواقعية أو الإفتراضية، وإستخدام أقوال المشاهير والنجوم والإستدلال بالأدلة الشعرية والنثرية والحكم والأمثال.

ولا ينتهي الأمر عند معرفة أساليب الإقناع فقط بل ينبغي على الإعلامي أن يقوم بعرضها على المتلقي بشكل مشرق ومشوق، ما يجعل الفكرة جماهيرية، ولن تكون كذلك ما لم يتم عرضها على المتلقي بأسلوب سهل وبسيط ومتوافق مع إهتمامات الجماهير.

ومن أساليب عرض الأفكار والطروحات في المجال الإعلامي ما يلي:
- الأسلوب القصصي: يستهدف الإعلامي من إستخدام هذا الأسلوب الإيحاء للمتلقي بالنتيجة التي يود الوصول إليها. ويعتبر الأسلوب القصصي من أهم أساليب العرض، كون المتلقي يستمتع بتتبع تفاصيل القصة وفي نفس الوقت يستفيد من العبرة أو التهديد أو الوعظ أو الإرشاد أو التوعية المتواجدة بين طيات القصة.
- الأسلوب القصصي السردي: يتميّز هذا النوع بمواصفات إضافية وهي إستخدام الفنون القصصية المختلفة كالدراما والحكاية والحبكة والإثارة، كما يتميز بأسلوب تتبع الأحداث بطريقة سردية بهدف إثارة الإنتباه أو التنبيه للسلوكيات التي يود الإعلامي من الجماهير تجنبها.
- الأسلوب المفعم بالإثارة: شد إنتباه المتلقي وإثارة عواطفه وأحاسيسه هي أبرز أهداف هذا الأسلوب، وغالباً ما يزود هذا الأسلوب بطرح الأسئلة والمواضيع المثيرة والجذابة.
- الأسلوب التسلسلي: ويستخدم هذا الأسلوب لتقديم يد العون إلى القارئ لفهم ما يدور حوله من أحداث ويحميه من العشوائية في ترتيب الأفكار. وينقسم إلى: “الأسلوب التسلسلي الزماني، والأسلوب التسلسلي المكاني والأسلوب التسلسلي النوعي، والأسلوب التسلسلي الشريحي، والأسلوب التسلسلي الوصفي، والأسلوب التسلسلي المعتمد على الطرافة، والأسلوب التسلسلي المألوف.

المصدر: كتاب كيف تحقق النجاح في المجال الإعلامي











رأي في الإصلاح التربوي


في هذه المداخلة سأحاول أن أرتّب بعض الأفكار و المقترحات التّي تحدثت فيها سابقا مع العديد من الزملاء التربويين (أساتذة – متفقدين – مديرين - قيمين – إداريين) و في مختلف المستويات الجهوية و الوطنية ...
كلنا يعلم أن الأسرة التّربوية في تونس تعاني منذ سنوات عديدة مجموعة من المشاكل المستفحلة و الأزمات المتتالية مما جعل العلاقة بين مختلف الأطراف المتدخّلة في الشّأن التربوي تهتز و تسوء و يظهر ذلك جليا في اللاّمبالاة و التسيّب الإداري و الغيابات المتكررة و الرّوتين القاتل و التسلسل الإداري المتهري، و انكسار الرابط المثالي بين المعلم و المتعلم، إلى جانب عزوف التلاميذ في مختلف المستويات عن الدراسة و التّعلم تحصيل العلم و السعي وراء العلوم و الثقافة، و انتشرت الأمّية بمختلف ألوانها و إشكالها، فالكل يعلم أن بعض تلاميذ السابعة أساسي لا يعرف كتابة أسمه بالعربية و بعض تلاميذ البكالوريا لا يمكنه كتابة اسمه بالفرنسية و بعض المتخرجين من الجامعة ومختص في ميدان محدد لا يتقنه. التعليم في تونس انهار منذ أن اتخذ بُعدا كمّيا و عدديا على حساب الجودة.
لقد كان إصلاح التعليم في تونس ضرورة ملحة منذ سنوات و أصبحت هذه المسألة حاليا مسألة حياة أو موت بالنسبة لمجتمعنا المُقبل الطامح للتّطور و الرقي و البناء. و أعتقد أن إصلاح التعليم هو الرهان الثّوري الحقيقي الذي يجب أن يتجند له الجميع (الأسرة التربوية و المجتمع و الدولة التونسية)، من أجل الشّروع فيه و بناءه على أسس صحيحة.
و هنا أود أن أشير إلى بعض النقاط الهامّة كما أراها في إي إصلاح تربوي في تونس ...
1. تحسين و تحديث الوضعية المعنوية و المهنية و الاجتماعية و المادية لكافة رجال و نساء التربية و التعليم.
2. إشراك رجال و نساء التربية و التعليم فعليا في صناعة القرار التربوي، و استشارتهم في كل الإصلاحات و الإجراءات التربوية التي تهم المدرسة التونسية.
3. المحافظة على مكاسب نظامنا التربوي الحالي :
- مجانية التعليم في كل مراحله.
- إجبارية التعليم بين سن السادسة والسادسة عشرة.
4. مراحل التعليم :
- التعليم الأساسي و مدته ست سنوات في المدارس الابتدائية، و ينقسم إلى مرحلتين كل واحدة تدوم ثلاث سنوات و ينتهي بامتحـــــان جهـــــوي إلزامــــي.
- التعليم الإعدادي و مدته ثلاث سنوات في المدارس الإعدادية, و ينتهي بامتحــــان وطنـــي إلزامـــي.
- التعليم الثانوي و مدته ثلاث سنوات تؤمّنها المعاهد الثانويـــة و المعاهد التقنيـــة و المعاهد النموذجيـــة، و ينتهي ببكالوريا وطنـــية.
5. إلغاء المدارس النموذجية و المعاهد النموذجية و المدارس الإعدادية التقنية الحالية.
6. توجيه نصف المتعلمين إلى المعاهد التقنية و ربعهم إلى التكوين المهني و البقية إلى المعاهد الثانوية و النموذجية.
7. إعادة المبيتات للمؤسسات التربوية بالمناطق الريفية و شبه الريفية و إلغاء حافلات ضياع الوقت و تشريد التلاميذ نهائيا.
8. إعادة المؤسسات التربوية النصفية التي تحتضن التلميذ يوما كاملا و توفر له إلى جانب ساعات الدرس كل ما يحتاجه من أكل و شرب و ترفيه.
9. في كل مؤسسة تربوية، ضرورة و جود
- مكتب المشرف الاجتماعي و النفسي.
- مكتب رعاية صحية و عون صحي منتدب مع توفر جميع المستلزمات الأساسية.
- قاعة مختصة: الإعلامية, العلوم, التاريخ و الجغرافيا, الفرنسية، الأنقليزية ...
- مركز للتعلم متعدد الاختصاصات (قاعة المراجعة – قاعة انترنات – قاعة مطالعة – قاعة أنشطة فكرية ...),
- فضاء النوادي الثقافية التي تكون مفتوحة بعد انتهاء الدروس (نظام الحصة الواحدة) و تكون تحت إشراف منشطين مختصين.
- قاعة رياضة متعددة الاختصاصات.
10. إعداد الميثاق التربوي الذي ينظم أدبيا العلاقة بين مختلف الفاعلين التربويين.
11. مراجعة المنظومة التربوية التأديبية و تحيينها على ضوء المتغيرات التكنولوجية، من أجل بناء علاقات تربوية صحية و متوازنة بين المربي و المتعلمين.
12. فتح ملف اللغات العربية و الأجنبية الذي يعتبر من أعقد الإشكاليات التربوية في مدرستنا اليوم.
13. إعادة النظر في ملف التقييم و الامتحانات (الجهوية) الوطنية.
14. مراجعة منظومة التوجيه المدرسي بما يضمن تفاعل المدرسة مع المحيط و المجتمع و سوق الشغل.
15. التخلي عن النظام الثلاثي نهائيا و اعتماد النظام الدراسي السداسي.
16. اعتماد نظام الفترة الواحدة ب 5 حصص تدوم الواحدة 45 دقيقة.
17. اعتماد نظام الأسبوع ب 5 أيام فقط.
18. تغيير في عدد أيام العطل المدرسية و تواترها.
19. تفعيل دور مدارس مهن التربية لتخريج المدرسين و المكوّنين و تطوير البحث في ميادين التربية والتعليم.
20. إلزامية إجتياز امتحان وطني كتابي و شفوي للمدرس للإلتحاق بالتدريس.
21. إلزامية فترة تربص و تكوين نظري و عملي لمدّة لا تقلّ عن سنة
للمدرسين الجدد.
22. تفعيّل مراكز التكوين المستمر و تثمين مشاركة المدرس في مختلف الدورات التكوينية بشهائد يقع اعتبارها في الترقيات المهنية.
23. تكريم المدرس (ين) المتميز في كل سنة دراسية على نطاق جهوي و وطني.
24. اشراك المدرس في اختيار البرامج و الطرق البيداغوجية لأنه لا يمكــن أن يطالب بالإنتاج و التميز البيداغــوجــي من خــلال برنامج لا يقنعه.
25. إعتبار مهنة التعليم من المهن الشاقة و لذلك يحال المربي على التقاعد عند سن 55 مهما كانت أقدميّته في التعليم.
26. تطبيق البيداغوجيا البنائية و بيداغوجيا المشروع في كل المستويات التعليمية.
27. تعليم مواد اختيارية جديدة كالسياقة و الوقاية و البستنة و الطبخ و تربية الصغار و غيرها.
28. تدريس العلوم الجديدة باللغة الأنقليزية و أولها الإعلامية.
29. تحديد عدد التلاميذ في كل قسم ب 20 تلميذا و في كل مستويات مراحل التعليم.
30. إلزامية العمل بالامتحانات الجهوية و الوطنية
مع كل نهاية مرحلة تعليمية.
31. إرتقاء التلميذ من مستوى الى آخر بمعدل سنوي يساوي أو يفوق 10 على 20 دون إسعاف، و دون احتساب و 25 بالمائة في البكالوريا.
32. إلغاء الأسبوع المغلق و ترك الحرية للمدرس يبرمج امتحاناته.
33. انشاء و تفعيل المجلس البيداغوجي في المؤسسة التربوية.
34. تجريم الدروس الخصوصية.
35. إعتماد التكنولوجيا الحديثة في كل مفاصل وزارة التربية
و مؤسساتها.
خـــــالد كشبــــــــــوري






























على هامش اليوم الأوّل لندوة

 المدخل لإصلاح التعليم في تونس


وقد كانت الأدلجة حاكمة على إصلاح الشرفي الذي تمّ تقليص مادة التربية الإسلامية وإفراغها من محتواها وتعويضها بالتربية المدنية التي قام بها أساتذة متخرجون من كلية الحقوق كما راجع مادة التاريخ بما يوافق ما أسماه “إعادة قراءة التاريخ العربي والإسلامي وكان أهم ما قام به أيضا إغلاق مدارس الترشيح واعتماد مناظرة “الكاباس” الذي يعتبر معرّة في تاريخ التعليم في تونس.وهذا ما بسطه الدكتور علي الزيدي.
أما عن مشكلة المنهج ومعضلة الإيديولوجيا فقد ركز المحاضر الدكتور محسن بن عامرعلى أهمية المدخل للإصلاح الذي يبسط حزمة من القيم والمسلمات التي تجيب عن سؤال ماذا نصلح؟وذلك لتحقيق الركائز الأساسية للتعليم والتي لايقوم عليها إلا الخبراء التونسيون العارفون بعناصر الإصلاح وبالفضاء التربوي الذي يبسطون فيه أفكارهم.
وهذا المدخل للإصلاح يختلف عن منهج الإصلاح الذي عليه الإجابة عن سؤال :كيف نصلح؟ والذي يمسح الجانب الفني في التعليم .
وأما في المستوى الإيديولوجي فلابد من الوقوف على بعض المسلمات التي وردت في وثيقة أعدّها الدكتور محمد بن فاطمة بعنوان إشكالية المداخل في الإصلاح التربوي أهمها:
* ما يجري في تونس مماثل لما يجري في أصقاع الدنياوعملية التعليم والتربية خاضعة لنفس المنوال الذي تخضع له المنظومة التربوية في أي بلد كان غير أن المجال التونسي له خصوصيته فلا يمكن لخارطة معدّة في فيلندا أن نسير بها في تونس
* المنظومة التربوية التي تعمل على مبدإ “الجودة” هي منظومة عالميّة ولكن ما يقترح في فيلندا أوكندا لايمكن أن ينسحب على الفضاء التربوي التونسي فكيف نستورد نظاما خاصّا ببلاد معيّنة ليس بالضرورة أن ينجح في تونس فلا للنظم المعلّبة.
* إصلاح المنظومة التربوية لا يتبدّل نوعيا رغم قيام الثورة في تونس، ولكن العكس هو الصحيح لأن محاولات الإصلاح التي تمت كانت تحت إكراهات السياسة والمراقبة الأمنية وانه على الذين أقدموا على تقديم ورقات في هذا الإتجاه أن يدلوا بدلوهم في ظل الحرية فكرية التي انداحت بعد الثورة.
ويبقى السؤال المطروح هل هو تأسيس أم إصلاح في مستوى المنظومة التربوية؟ ولكننا أمام وضع منهجي صعب فمن جهة فإن الداعين للإصلاح يخافون من أن معنى التأسيس قد يفيد الهدم وسيؤدي إلى الفراغ ،وإن الداعين للتأسيس يخشون عودة المنظومة القديمة وما ستجلبه من سلبيات.
أمام هذين النموذجين المتصارعين فإن عملية الهدم والبناء تتمّ معا في الذهن فمقولة الهدم ليست في محلّها.
وحول كل هذا وذاك لابد من الوقوف على جملة الإستنتاجات منها:
* لابد من توافق موضوعي ينطلق من معطيات علمية: أن لا وجود لنموذج كوني واحد في التعليم وإنما هناك نماذج مختلفة باختلاف الأمصار والبلدان.
* النموذج الناجح هو الذي ينبع من بيئته.
* النموذج الجيّد هو الذي يقوم به المهندس الجيّد.
* أن يتولى أمره أخيارهم وليس كل من دب وهبّ.
* العمليّة التربويّة ليست عملية ميكانيكية نستوردها من أيّ مكان وإنما هي عمليّة حية وتفاعلية مع بيئتها.
من خلا ل هذه المداخلتين في اليوم الأول للندوة فإنه يحق لنا الإشارة إلى ملحوظات في شكل برقي آملين التعمق فيها في دراسة مفصّلة:
* إن عنوان الندوة يستهدف يؤكد على أهميّة البدء بالعقول وبذلك تتم عملية إصلاح واضحة المعالم والمسارات والأهداف والوسائل حيث أن المعيار في المراهنة عندنا ليس التصنيف العالمي في التعليم؛ بل المعيار هو التصنيف العالمي للعقول المبدعة والمنتجة والعقل التونسي لا يقل عن أي عقل آخر هندي أو ماليزي أوباكستاني قدرة وإمكانيات.
* لايتم هذا الإبداع إلا إذا توفرت قيمة الحرية التي انداحت بعد الثورة والتي لابد من معرفة بكيفية استثمارها زمنا ومكانا.
* إعتبار العقل هوالمعادلة الأصعب في بناء كل صناعة حضارية، ولعله أكبر حتى من البترول!
* من خلال هذه الندوة هناك إصرارعلى حتمية الإصلاح التربوي والتأسيس لمدرسة مبنية على ثقافة تدفع بالإنسان إلى أن يتفاعل معها بشكل إيجابي فالمباني التعليمية والإعتناء بالمعلمين وكفاءاتهم والتجهيزات على أهميتها لا تفي بالغرض إلا إذا عملنا على إرساء ثقافة تبني على التفكير الحر وتحارب البيروقراطية والنمطيّة والتباطؤ.
ويبقى الأمل معقودا على الفاعلين التربويين من مجتمع مدني ومؤسسات رسمية وقيادات سياسية لتتكاتف الجهود للخروج بجواب تشاركي والذي يعتبر المدخل الضروري الذي لابد منه لأنه يعتمد على الحوار والتعاون ويستبعد التحكمية في أخذ القرار في مثل هذا القطاع الحيوي والخطير.
وأخيرا يبقى السؤال المطروح أي مدخل نعتمد للإصلاح التربوي؟هل مدخل تأسيسي أم هوإصلاحي تراكمي بسلبياته وإيجابياته؟